الكاتبة الصحفية فاطمة بدوى:
خاص : دبلوماسى اليوم
قالت الكاتبة الصحفية فاطمة بدوى المختصة بشؤون آسيا الوسطى خلال كلمتها التى القتها خلال المؤتمر الصحفى الذى عقدته سفارة تاجيكستان بالقاهرة
بمناسبة انعقاد المؤتمر الدولي الثالث رفيع المستوى لقضايا المياه في دوشنبيه فى 9 يونيو 2024 :
ان فى عام 2022أجرت مصر وطاجيكستان، مباحثات في القاهرة، تناولت سُبل تعزيز التعاون بين البلدين في مجال الموارد المائية والري، والإعداد لتنفيذ مذكرة تفاهم مشتركة تشمل كل مجالات التعاون المقترحة بين البلدين.
الجدير بالذكر أن طاجيكستان تعد أحد منسقي المسار الأممي لمؤتمر الأمم المتحدة للمياه.
حيث يلعب الماء دوراً حيوياً في تطور البشرية
وقد دعت طاجكيستان المجتمع الدولي إلى التركيز على معالجة مشاكل الماء. وباعتباره مورداً أساسياً للتنمية المستدامة، أُدرج الماء ضمن عدد من الوثائق والاستراتيجيات التنموية على المستويات المحلية والوطنية والعالمية. ونتيجة لذلك، أُدخلت جوانب مختلفة من قضايا الماء ضمن «أهداف التنمية المستدامة». إنجاز تحقق بفضل الجهود الجادة والحثيثة لعدة أطراف معنية. مبادرات طاجيكية وإنني أشعر بالاعتزاز والسعادة لكون بلادي، جمهورية طاجيكستان، قدّمت وما زالت تقدّم مساهمة مهمة في هذه العملية. فمن 2000 إلى 2016، وبمبادرة من طاجيكستان، تبنت الجمعية العامة للأمم المتحدة سبعة قرارات تتعلق بالماء، من بينها «السنة الدولية للمياه العذبة» (2003)؛ و«العقد الدولي للعمل» من أجل المياه، «الماء من أجل الحياة، 2005- 2015»؛ و«السنة الدولية للتعاون المائي»، 2013؛ و«العقد الدولي للعمل» من أجل الماء، «الماء من أجل التنمية المستديمة»، 2018- 2028، التي تستحق اهتماماً خاصاً. وخلال هذه الفترة، شكّلت طاجيكستان مراراً منصة لمناقشة القضايا المائية العالمية. إننا مستمرون في السير على هذا النهج من خلال العمل على الترويج لقضايا الماء التي تضمنتها أجندة 2030.
وقد اقترحت طاجيكستان، بتعاون مع أعضاء آخرين في اللجنة، عدداً من المبادرات التي ما فتئت تدفع بها، مبديةً التزاما وزعامة سياسيين. ويدعو البيان الختامي للجنة الذي نشر مؤخراً إلى مزيد من تعبئة جهود كل الأطراف المعنية، خاصة الزعماء السياسيين، بخصوص تبني وتطبيق إجراءات تهدف إلى ضمان الاستخدام والإدارة المستدامين للموارد المائية. وفي هذا الإطار، تضم «مجموعة أصدقاء الماء»، التي أُسست بمبادرة من طاجيكستان في 2010، حالياً 51 دولة عضواً في الأمم المتحدة، ما يشكّل مساهمة مهمة في النقاش المتواصل حول القضايا المتعلقة بالماء، إضافة إلى تبني قرارات ذات صلة في إطار الجمعية العامة للأمم المتحدة. وتُعتبر طاجيكستان أيضا لاعباً مهماً في حل مشاكل الماء على المستوى المحلي. ذلك أن حوالي 60 في المئة من الموارد المائية للأنهار في آسيا الوسطى (حوض بحر آرال) تتشكل في طاجيكستان؛ وبلدنا يتقاسم هذا المورد الحيوي بسخاء مع جيراننا. كما تُعتبر طاجيكستان أحد مؤسسي «الصندوق الدولي لإنقاذ بحر آرال» ولجنتيه «لجنة التنسيق المائي» و«لجنة التنمية المستدامة»، التي تشكل منصات لمناقشة المشاكل المائية الملحة العابرة للحدود في المنطقة. التعاون المائي بين الحكومات وفي آسيا الوسطى، حيث تنبع الموارد المائية بشكل رئيس داخل أراضي بلديْ المنبع – قرغيزستان وطاجيكستان – وحيث يُستعمل نصيب الأسد من هذه المياه من قبل بلدان المصب ـ كازاخستان وتركمانستان وأوزبكستان – فإن التعاون المائي بين الحكومات لا يُعد السبيل لمعالجة مشاكل المياه ومواضيع التنمية الاجتماعية والاقتصادية فحسب، ولكن أيضاً لضمان السلام والاستقرار والأمن. ويكتسي التعاون المائي أهمية أكبر اليوم على خلفية التأثير المتزايد لتحديات مثل تغير المناخ والنمو السكاني على المنطقة. وعلى سبيل المثال، فإن حصة الفرد من الموارد المائية في آسيا الوسطى خلال الستينيات كانت تعادل 8.4 ألف متر مكعب في السنة. أما اليوم، فقد انخفضت أربع مرات إلى ما نحو 2.1 ألف متر مكعب في السنة، وهي كمية تفوق المؤشرات العالمية بثماني مرات تقريباً. وفي الأثناء، يُعتبر معدل النمو السكاني في المنطقة، الذي يفوق 2 في المئة سنوياً، من بين الأعلى في العالم، بينما تواصل الموارد من المياه العذبة النفاد بشكل مطرد. الإدارة المتكاملة للموارد المائية ووفق بعض الخبراء، فإن الكتل الجليدية في آسيا الوسطى، التي تُعد المصدر الرئيس للمياه بالنسبة للأنهار في المنطقة، تتقلص في المتوسط بمعدل 0.6 إلى 0.8 في المئة سنوياً من حيث المساحة الجليدية، وبـ0.1 في المئة من حيث حجم الجليد. ولهذا، فإن الوضع الحالي يقتضي اتخاذ تدابير عاجلة من أجل التكيف مع التأثيرات الدراماتيكية لتغير المناخ وتشجيع الإدارة المستديمة للموارد المائية في المنطقة. وهذا لا يمكن تحقيقه إلا من خلال تنسيق جهود كل البلدان المشاركة في تعاون إقليمي بنّاء، مع ضرورة مراعاة مصالحها، وتحسين الإطار المؤسساتي والقانوني، وزيادة مهمة في الاستثمارات في البنية التحتية. ويُعتبر إدخال «الإدارة المتكاملة للموارد المائية» على المستوين الوطني والإقليمي عنصراً أساسياً من هذه العملية. وفي هذا الإطار، شرعت طاجيكستان في إصلاح قطاعها المائي، آخذة في عين الاعتبار المبادئ الأساسية لـ «الإدارة المتكاملة للموارد المائية»، بما في ذلك إدخال إدارة موارد الأحواض المائية. ولهذا الغرض، تبنّت حكومة جمهورية طاجيكستان في 2015 «برنامج إصلاح القطاع المائي» للفترة ما بين 2016 و2025، والذي يهدف إلى تحسين الإطار القانوني والآليات المؤسساتية، وتطوير البنية التحتية، وإنشاء قاعدة ذات صلة لأدوات التطبيق، مثل قاعدة للبيانات وأنظمة معلومات، وأعمال علمية وبحثية، وتطوير القدرات، وغير ذلك من أدوات إدارة المياه. «قانون الماء» في طاجيكستان، حيث يأتي أكثر من 95 في المئة من الكهرباء من محطات توليد الطاقة الكهرمائية، يُعتبر الماء والكهرباء مترابطين بشكل وثيق. كما يعتمد تطوير الزراعة بشكل كبير على استخدام الموارد المائية، نظراً لأن أكثر من 80 في المئة من المنتجات الزراعية تُنتج من خلال الري. ومن المهم أيضاً الإشارة إلى التأثير السلبي لتغير المناخ الذي يتسبب في كوارث لها علاقة بالماء مثل الفيضانات وتجريف التربة. فتوفير الماء الصالح للشرب وأنظمة الصرف الصحي الأساسية للسكان يظل أولى الأولويات بالنسبة للقطاع المائي. وهذا الأمر ملح بشكل خاص في المناطق الريفية، حيث يعيش أكثر من 70 في المئة من سكان البلاد. ونتيجة لذلك، فإن الماء يحظى بالأولوية ضمن «استراتيجية التنمية الوطنية» لجمهورية طاجيكستان للفترة الممتدة إلى 2030. وتأكيداً على أهمية كل الأهداف المتعلقة بالماء وأهداف التنمية المستدامة، تعمل البلاد حالياً على إعداد مسودة «الاستراتيجية الوطنية للماء 2030». وفضلاً عن ذلك، فإن مسودة جديدة لـ«قانون الماء لجمهورية طاجيكستان» تأخذ في عين الاعتبار الاتجاهات والمتطلبات الحالية اقتُرحت وتوجد حالياً قيد البحث والدراسة. كما تم إيلاء الأولوية في هذه الوثائق لحق الإنسان في ماء آمن صالح للشرب ونظام الصرف الصحي. تحديات عالمية لقد أُنجزت دراسات وتحليلات عديدة من أجل قياس تأثير تحديات عالمية، مثل تغير المناخ والنمو السكاني والتمدن على المياه. ومن الواضح أن هذه التحديات ستؤثّر على الطلب العالمي على المياه العذبة؛ حيث من المتوقع أن يرتفع هذا الأخير بـ50 في المئة بحلول 2030، ما سيخلق عجزاً قدره 40 في المئة في موارد المياه العذبة المتوافرة. ووفق عدد من المؤسسات والخبراء، فإن أكثر من 844 مليون نسمة في العالم ما زالوا من دون ماء آمن صالح للشرب، و1.8 مليار نسمة يشربون الماء من موارد ملوثة بالفضلات، و2.4 مليار نسمة ليس لديهم إمكانية الوصول إلى نظام صرف صحي محسّن. وبحلول 2050، من المتوقع أن يعيش 2.3 مليار نسمة آخرون في مناطق تعاني من ضغط أكبر على الموارد المائية. ويتجلى تأثير مهم لتغير المناخ على شكل كوارث طبيعية مرتبطة بالماء. فبين 2000 و2016، مات أكثر من 107 آلاف شخص بسبب الفيضانات وانزلاقات التربة. ووفق تقديرات أولية، فإن قيمة الممتلكات التي ستكون عرضة للخطر بسبب الفيضانات يمكن أن ترتفع إلى 45 تريليون دولار بحلول 2050. ومن التداعيات الخطيرة لهذه الظاهرة أيضاً تدمير وتعطيل بنى تحتية مختلفة من الاقتصاد الوطني. وهناك العديد من المشاكل والتحديات الأخرى التي تفاقم الوضع الحالي وتُضعف جهودنا الرامية لتحقيق أهداف التنمية المستدامة. هذه الاتجاهات ستستمر في العقود المقبلة، ويتعين على البشرية اتخاذ كل التدابير الضرورية لمعالجتها. خطوات عملية وقد أرست كل من «أجندة 2030 من أجل تنمية مستدامة»، و«أجندة العمل للمؤتمر الدولي الثالث للتمويل من أجل التنمية» (أديس أبابا)، و«إطار سينداي لخفض خطر الكوارث 2015-2030»، و«اتفاقية باريس للمناخ»، أساساً صلباً لمزيد من الاهتمام بمواضيع الماء على مستويات مختلفة. غير أنه لا بد من الإرادة السياسية، وتعبئة جهود كل الأطراف المعنية، ومقاربات وأدوات مناسبة من أجل تطبيقها الناجح. وفي تقديرنا، فإنه لا بد من أخذ عدد من المواضيع في عين الاعتبار قبل اتخاذ مزيد من الخطوات في هذا الاتجاه. 1- التمويل. ما زالت الأزمات المالية والاقتصادية للسنوات الأخيرة تؤثر سلباً على جهود الدول الأعضاء الرامية إلى ضمان تمويل كافٍ للقطاع المائي. وفي هذا الصدد، فإن دعم المبادرات الرامية إلى تحسين التمويل للقطاع المائي، ومن ذلك استخدام صناديق الاستثمار العالمية الموجودة مثل «صندوق المناخ الأخضر»، أساسي، ويأتي في توقيت مناسب. وهذا أمر مهم بالنسبة للبلدان النامية بشكل خاص. وتشير التقديرات إلى أن استثماراً بقيمة 15 إلى 30 مليار دولار في تحسين إدارة المياه في البلدان النامية يمكن أن يؤدي إلى مكاسب اقتصادية مباشرة تصل إلى 60 مليار دولار. وفي هذا السياق، فإن زيادة التمويل للقطاع المائي من ميزانية الدولة يكتسي أهمية خاصة. كما تنبغي الإشارة إلى أنه على الرغم من زيادة مطردة في حصة المساعدات الرسمية للتنمية في القطاع المائي، إلا أن المبلغ الإجمالي المخصص للمساعدات الرسمية للتنمية يظل ثابتاً إذ لم يتجاوز 5 في المئة منذ 2005. 2- الاستثمار والبنية التحتية: لا شك في أن تحديث البنية التحتية الموجودة وإنشاء بنية تحتية جديدة، إضافة إلى إدخال تكنولوجيات جديدة، سيلعب دوراً أساسياً في ضمان تنظيم موثوق واستخدام فعال للموارد المائية، ما سيشكّل بالتالي مساهمة مهمة في تحسين الأمن المائي. وعلى سبيل المثال، فإن إنشاء خزانات كبيرة ومتوسطة الحجم ومحطات للطاقة الكهرمائية يسمح بتنظيم وضبط موثوق لتدفقات المياه السطحية خلال التقلبات المناخية، ويولّد كهرباء غير باهظة وسليمة بيئياً، ويحمي الأراضي والسكان من الفيضانات والتدفقات الطينية، ويساعد على التخفيف من تأثيرات الجفاف، ويقلّص بشكل مهم انبعاثات ثاني أكسيد الكربون في الجو. ويستطيع مشروع بنية تحتية مصمم بشكل مناسب أن يساعد على حل طيف كامل من المشاكل. كما يستطيع القطاع الخاص لعب دور مهم في هذه العملية من خلال خلق شراكات بين القطاعين العام والخاص وآليات أخرى. 3 – الانتقال إلى «النمو الأخضر» والارتباط بين الأمن المائي وأمن الطاقة والأمن الغذائي: حيث يساهم الماء بشكل مهم في ضمان نمو أخضر، وهو ما يفترض أن الاقتصاد سيشرع تدريجياً في رفض استخدام موارد طاقة غير متجددة. واليوم، تشكّل الطاقة الكهرمائية نحو 20 في المئة من إنتاج الكهرباء العالمية. وفي الأثناء، يمكن أن تسمح الموارد والفرص المتوافرة بزيادة هذه النسبة بشكل كبير. كما تُعتبر هذه المقاربة المتكاملة ضروريةً من أجل معالجة مشاكل النمو السكاني، مثل زيادة إنتاج الكهرباء والغذاء، وتلبية احتياجات أخرى. ولهذا السبب، فإن التحول إلى الإدارة المتكاملة للموارد المائية وتطبيق مقاربة العلاقة بين الماء والطاقة والغذاء ضروريان من أجل تحقيق هذه الأهداف. 4- مشاركة كل الأطراف المعنية: إن إنشاء آلية شراكة متعددة الأطراف تضم كل الفاعلين المعنيين في النقاش حول المواضيع المتعلقة بالماء سيضمن قرارات متوازنة، مع ضرورة مراعاة مصالح الجميع. ولا شك في أن النساء يستطعن لعب دور حيوي في هذه العملية. 5 – مواضيع التعاون العابر للحدود: يُعتبر تطوير الدبلوماسية المائية وسيلةً أساسية لحل المشاكل التي قد تنشأ بين الحكومات بسبب المياه. وهناك 145 بلداً تقع في أحواض أنهار دولية، ورفاهية سكانها تعتمد على وجود تعاون مائي جيد. وغياب هذا التعاون يطرح مخاطر وتكاليف حقيقية، ويترك العديد من المشاكل من دون حل، ما يؤثر سلبياً على الوضعين الاقتصادي والاجتماعي في البلدان التي تتقاسم أحواضاً نهرية مشتركة. لقد أشار البيان الختامي لمؤتمر الأمم المتحدة حول التنمية المستدامة (ريو + 20)، «المستقبل الذي نريد»، إلى الإدارة المحسنة للموارد المائية باعتبارها الأساس لتحقيق تنمية مستدامة. كما تضمنت «أجندة 2030 من أجل تنمية مستدامة» هدفاً مخصصاً للماء. وكتتمة منطقية لهذه الأفكار، قدّمت جمهورية طاجيكستان مقترحاً لإعلان الفترة من 2018 إلى 2028 (العقد الدولي للعمل من أجل الماء: ماء من أجل تنمية مستدامة)، وهو ما حظي بدعم بالإجماع من قبل كل الدول الأعضاء في الأمم المتحدة. ويتيح «العقد» مناسبة مهمة للحوار السياسي وتبادل المعلومات والخبرات ليصبح أداة مهمة لبلوغ الأهداف المتعلقة بالماء المتفق عليها دولياً، بما في ذلك تلك المدرجة ضمن «أجندة 2030». وإننا على يقين بأن المجتمع الدولي سيغتنم هذه الفرص التي سيتيحها «العقد الدولي للعمل»، ويعالج المشاكل المتعلقة بالماء على كل المستويات، بما في ذلك تحقيق الأهداف المتعلقة بالماء، وأهداف التنمية المستدامة.
وقد عقد المؤتمر بحضور
عبد الغفار كمال زادة – مستشار سفارة جمهورية تاجيكستان في القاهرة و القائم بالأعمال في السفارة وأعضاء السلك الدبلوماسي بالسفارة ووسائل الإعلام والصحفيين المصريين
حيث ألقى كلا من السيد عبد الغفار كمال زادة كلمة فى المؤتمر
و كذلك الدكتور عباس شراقى خبير دولى فى المياه كلمة له فى المؤتمر الصحفى