المياسة: قيادة ثقافية لامرأة قطرية
رئيس التحرير: محمد صلاح
في مقابلة تلفزيونية حديثة عبر منصة الجزيرة 360، تناولت الشيخة المياسة بنت حمد بن خليفة آل ثاني مسيرتها الشخصية ودورها القيادي في تعزيز الفنون والثقافة في قطر، مسلطةً الضوء على إنجازاتها ورؤيتها المستقبلية. تُعتبر الشيخة المياسة شخصية بارزة في المشهد الثقافي القطري والعالمي، حيث تُعد واحدة من القيادات النسائية التي استطاعت أن تجمع بين الحفاظ على الهوية الوطنية والانفتاح على العالم.
هي مثال للمرأة العربية الخليجية القطرية في النجاح. أعتبرها نموذجًا وفخرًا لما حققته من نجاحات، سواء في إدارة الأمور أو في حرصها على متابعة كل شيء، لدرجة أنها وضعت بصمتها في ثقافة الفنون وريادة الأعمال بشكل واضح. لقد شقَّت طريقها بثقة، وحققت مسافات بعيدة، واضعةً بلدها في مصاف الدول الحضارية، حتى أصبحت قطر مقياسًا دوليًا.”
من هي الشيخة المياسة بنت حمد بن خليفة آل ثاني؟
سعادة الشيخة المياسة لعبت دورًا محوريًا في جعل المتاحف القطرية تحتل مكانة عالمية. إنها تمتلك كاريزما وشخصية مميزة في إدارة العلاقات مع المتاحف الدولية، وهذه العلاقات تلعب دورًا مهمًا في تعزيز مسار الثقافة والمعرفة.
الشيخة المياسة بنت حمد بن خليفة آل ثاني تُعد من أبرز الشخصيات الثقافية في قطر والعالم العربي. هي ابنة الأمير الوالد الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني، وشقيقة أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني. ولدت الشيخة المياسة عام 1983، وتلقت تعليمها في جامعة ديوك بالولايات المتحدة الأمريكية، حيث حصلت على شهادة البكالوريوس في العلوم السياسية.
من خلال رؤيتها الطموحة والتزامها الكبير بتعزيز الفنون والثقافة في قطر، تشغل الشيخة المياسة منصب رئيس مجلس أمناء متاحف قطر، وهي الجهة المسؤولة عن إدارة العديد من المتاحف والمشروعات الثقافية الكبرى في الدولة. تحت قيادتها، أصبحت قطر مركزًا عالميًا للفن والثقافة، حيث تم تنظيم معارض دولية واستضافة فعاليات فنية عالمية.
الشيخة المياسة معروفة بدورها الفعّال في تعزيز الحوار الثقافي بين الشعوب، وتشجيع الفنون كوسيلة للتواصل والتفاهم بين الثقافات المختلفة. كما أطلقت مبادرات عديدة تهدف إلى دعم الفنانين المحليين والدوليين، وتحقيق رؤية قطر الوطنية 2030 التي تسعى إلى بناء مجتمع مزدهر ومستدام من خلال الاستثمار في الثقافة والفنون.
اهم نقاط اللقاء
الأسرة والمبادئ الشخصية: الشيخة المياسة بنت حمد بن خليفة آل ثاني، إحدى الشخصيات البارزة في المجتمع القطري، تتحدث عن دور والدها، الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني، وتأثيره على حياتها. تقول المياسة: “اسمي اختاره والدي، وهو اسم يحمل معاني الثقة بالنفس والقوة. أعتبر نفسي محظوظة لأنني كنت أول فتاة في قطر تحمل هذا الاسم.”
الطفولة والتربية: تستذكر المياسة طفولتها التي تصفها بأنها كانت “عادية جداً”، على الرغم من الأدوار الرسمية للعائلة. تقول: “إحنا عشنا طفولة عادية، كل أسبوع نروح المزرعة ونقضي الوقت في الطبيعة. كنا نسافر أحيانًا، لكن الوالد كان دائمًا متواضعًا ويعلمنا التواضع، ويعيش الحياة الطبيعية دون تعقيدات أو بروتوكولات.”
تتحدث عن مواقفها في المدرسة، مثل عدم اختيارها كطالبة مثالية رغم استحقاقها: “كنت أعتبر نفسي مستحقة لهذا المنصب، لكنني رفضت الاستسلام. هذا علمني الصبر والإصرار على مواقفي، وأن أعمل بجد لأثبت نفسي.”
الدراسة في الولايات المتحدة: بعد إنهاء دراستها الثانوية، اتخذت الشيخة المياسة قرارًا جريئًا بالانتقال إلى الولايات المتحدة لإكمال تعليمها الجامعي، رغم التحفظات الاجتماعية التي كانت تواجه النساء العربيات في ذلك الوقت. تقول: “الانتقال إلى الولايات المتحدة كان خطوة مهمة بالنسبة لي. تعلمت الكثير، ليس فقط عن المجال الأكاديمي، ولكن أيضًا عن العالم وكيفية التعامل مع الناس من خلفيات مختلفة.”
دور المتاحف في بناء الهوية الثقافية: تلعب الشيخة المياسة دورًا رئيسيًا في تعزيز الهوية الثقافية لدولة قطر من خلال مشاريع المتاحف. تقول: “مشاريع المتاحف لدينا لم تكن مجرد بناء مبانٍ لعرض المقتنيات، بل كانت نوعًا من التنمية البشرية. نحن نركز على الهوية القطرية والإسلامية والعربية في كل مشاريعنا.”
أشرفت على تأسيس متاحف مثل المتحف الإسلامي والمتحف العربي، وتقول: “كان هدفي أن تكون هذه المتاحف جسورًا للحضارة، تجمع بين ماضينا وحاضرنا، وتربط قطر بالعالم.”
العائلة والحياة الشخصية: رغم انشغالاتها الكثيرة، تؤكد المياسة على أهمية التوازن بين العمل والحياة الأسرية. تقول: “أنا محظوظة لأن زوجي، الشيخ جاسم بن عبد العزيز، يشاركني الشغف بالفن ويدعمني في كل شيء. هو دائمًا موجود مع الأطفال عندما أكون مشغولة.”
كما تتحدث عن دور والدها في حياتها: “والدي كان دائمًا أكبر داعم لي، يعلمني الصبر ويصحح لي أخطائي. علاقتي به خاصة جداً، فهو كان دائمًا من أول من يستمع لي ويوجهني.”
الحفاظ على الهوية وسط الانفتاح العالمي: تؤكد المياسة على ضرورة الحفاظ على الهوية القطرية وسط الانفتاح على العالم: “نحن كقطريين نتحدث مع أطفالنا باللغة العربية، ونحرص على غرس القيم الإسلامية فيهم. نحاول دائمًا أن نكون مزيجًا من الأصالة والتقدم.”
تضيف: “نحن نقدم للعالم صورة حديثة عن قطر، وفي الوقت نفسه نحافظ على تقاليدنا وهويتنا.”
الاهتمام بالبيئة والمشاريع التطوعية: تهتم المياسة بالبيئة وتشارك في العديد من المبادرات التطوعية، بما في ذلك حملات تنظيف الشواطئ. تقول: “البيئة تخصنا جميعًا، ويجب علينا جميعًا أن نعمل على الحفاظ عليها. نحن نعمل على زيادة الوعي البيئي في قطر من خلال العديد من المبادرات.”
مشاريع ثقافية وأحداث عالمية: من بين مشاريعها الهامة كان مهرجان أجيال السينمائي، الذي تقول عنه: “كان الهدف من المهرجان هو تقديم صوت الشباب والتعريف بقضايا مهمة مثل البيئة والصحة وحقوق اللاجئين. أردنا أن يكون هذا المهرجان منصة للتعبير عن قضايا مجتمعاتنا بطريقة مؤثرة.”
استثمار الفن في التعليم: أوضحت المياسة أن الفن ليس مجرد رفاهية، بل هو وسيلة تعليمية: “أدخلنا الفن في المناهج الدراسية في قطر، ونرى كيف يمكن أن يلعب دورًا في تنمية شخصية الأطفال. كما أننا نستخدم الفن في المستشفيات لتحسين حالة المرضى النفسية.”
النجاح في استضافة كأس العالم: عن استضافة قطر لبطولة كأس العالم تقول: “كان هناك تحديات كثيرة ضد استضافتنا لكأس العالم، لكننا تكاتفنا كمجتمع وأثبتنا للعالم أننا قادرون على تنظيم أكبر حدث رياضي عالمي. هذه البطولة كانت فخرًا لقطر والعالم العربي.”
خاتمة: تختتم الشيخة المياسة حديثها بتوجيه رسالة قوية للمرأة: “رسالتي لكل امرأة هي أن تكون واثقة من نفسها وتسعى لتحقيق ما تؤمن به. لا يجب أن نشعر بأي نقص، سواء كنا نعمل أو اخترنا تربية أطفالنا. المهم هو أن تكون اختياراتنا نابعة من قناعتنا الشخصية.”
مقتطفات من اللقاء :
المياسة: “اسمي اختاره والدي. كان الأمر متعلقًا بقصة المياسة والمقداد. أحب والدي شخصية المياسة في تلك القصة، فاختار لي هذا الاسم. المياسة كانت شخصية قوية وواثقة من نفسها، وكانت ترفض الزواج من كل الرجال إلا من ابن عمها المقداد الذي تغلب عليها في المبارزة. كانت تتميز بقوتها واعتزازها بنفسها، وهذا ما أحبّه والدي في الاسم. اختار لي اسم المياسة ليكون رمزًا للثقة والقوة. لذا، أعتقد أن اسمي يعكس جزءًا من شخصيتي.”
المذيعة: “المياسة الطفلة… لقد نشأتِ في ظل عائلة حاكمة. هل كانت طفولتك مريحة أم محكومة بالبروتوكولات والأمور الرسمية؟”
المياسة: “بالعكس، أعتقد أننا عشنا طفولة عادية جدًا. كنا نعيش في الدوحة خلال الأسبوع، وفي نهاية الأسبوع كنا نذهب إلى المزرعة أو نخيم في الروضة. والدي كان يحب أن يصطحبنا إلى النزهات. أحيانًا كنا نقضي شهورًا في السنة نعيش في ‘الكرامة’ حيث كنا نركب الجمال ونعيش حياة بسيطة للغاية. كان الأمر طبيعيًا جدًا بالنسبة لنا. والدي، رغم مكانته، كان شخصًا متواضعًا جدًا، لم يُشعرنا أبدًا بأنه شخصية مهمة. لقد ربانا على البساطة والتواضع.”
“بالنسبة للمدرسة، كنت أعيش حياتي كأي طفلة عادية. لم أكن أعرف حتى أن والدي كان ولي عهد في ذلك الوقت. كنا في مدرسة أجنبية، ولم يكن هناك تمييز. أذكر مرة أن أحدهم سألني: ‘أنتِ ولي عهد؟’. عدت إلى المنزل وسألت والدي ما معنى ذلك، حيث لم أكن أفهم وظيفته بالكامل في ذلك الوقت.”
“لقد عشنا حياة طبيعية جدًا ولم يكن هناك الكثير من التعقيدات أو البروتوكولات. البعض قد يعتقد أننا كنا نحصل على امتيازات خاصة بسبب مكانتنا، ولكن على العكس، كانت حياتنا بسيطة. والدي كان يحرص دائمًا على أن نكون مثل الآخرين، حتى في المدرسة. كان يبني فينا قيمًا جديدة ويشجعنا على الاعتماد على أنفسنا.”
المياسة: “في المدرسة، كنا نختار طالب وطالبة مثالية في آخر مرحلة دراسية. في السنة الأخيرة من المرحلة الثانوية، تم التصويت بين المدرسين لاختيار الطالب المثالي، وتم اختياري من جميع المدرسين . كنت أشعر أنني أستحق هذا اللقب بسبب مساهماتي في المدرسة وإنجازاتي، فقد كنت ممثلة للطلبة في الاجتماعات مع الإدارة والمدير.”
“ولم يكن ذلك أمرًا سهلاً عليّ. عدت إلى المنزل مضايقة جدًا. بعض الأشخاص قالوا إن السبب في عدم منحي اللقب كان تدخل والدي في المدرسة، ولكنني كنت ضد هذا النوع من التدخل تمامًا. كنت أؤمن بأنني يجب أن أنجح بمجهودي الخاص، وليس بفضل مكانة والدي.”
“، كنت أحب الدراسة وأهتم بالتحصيل العلمي بالنسبة لي كان العلم هو الوسيلة لتحقيق أهدافي
“أحببت تعلم أشياء جديدة، وكنت أحاول دائمًا توسيع معرفتي. كانوا يقولون لي: ‘لماذا تطلبين دائمًا المزيد من الواجبات؟’ ولكن الحقيقة هي أنني كنت أستمتع بالتعلم وأريد تحقيق أقصى استفادة من كل فرصة.”
“على الرغم من بعض التحديات، كنت دائمًا أؤمن بأهمية الدراسة. وبينما كان البعض يفضل الألعاب والرياضة، كنت أجد نفسي متمسكة بالكتب وبالعلم. في النهاية، الصراع كان جزءًا من نية حسنة لتطوير نفسي وتعلم المزيد، وكنت أتابع مسيرتي الدراسية بشغف، على الرغم من كل التحديات.”
المذيعة: “نرى في كل الصور التي تظهر العائلة الحاكمة في قطر مدى الترابط الأسري بينكم، وأن هناك علاقة خاصة تجمعك بأمير دولة قطر، الشيخ تميم. ما هو دور هذه العلاقة في حياتك؟“
المياسة: “الشيخ تميم هو أخي وصديقي، والفارق بيننا سنتان فقط. كنا نعيش الكثير من اللحظات المشتركة في الطفولة، وكان هناك استقرار في علاقتنا. دائمًا ما كان الناس يقولون إننا نتشابه في الشكل والصفات، وأعتقد أن ذلك صحيح إلى حد ما. كنا نحاول دائمًا أن نفعل نفس الأشياء ونشترك في نفس الهوايات. على سبيل المثال، أخي الشيخ جاسم يحب كرة القدم وكان شغوفًا بها، وكان يذهب دائمًا إلى نادي السد. أما أنا، فقد أحببت الرياضة أيضًا
“أتذكر موقفًا حيث ارتديت زي نادي السد وسألني والدي: ‘أين أنت ذاهبة؟’ فأجبت: ‘أنا ذاهب إلى النادي.’ فقلت له: ‘سأذهب معك!'”
“علاقتي بأخي تميم كانت دائمًا قريبة جدًا. كنا نلعب معًا في كل شيء، ونتشارك نفس الأفكار والتفكير. كان دائمًا يستمع لي، سواء كان يوافقني أو لا، لكنه كان دائمًا يُعطي الأمور مساحة من النقاش. كنا نتحدث عن كل شيء، وكانت العلاقة بيننا قوية وداعمة.”
“بالنسبة لوالدي، الأمير الوالد، كان دائمًا أكبر داعم لي في حياتي. حتى عندما كنت أشعر أنني أخطأت في شيء ما، كان يقول لي: ‘تعلمي من الموقف، وامضي قدمًا.’ كان يقدم لي النصائح في كل قراراتي المهمة، ودائمًا ما كان يصحح لي الأمور عندما أحتاج لذلك.”
دور الوالدة سمو الشيخة موزا بنت ناصر
“لقد علمتني والدتي الكثير أيضًا، خاصة الصبر. كانت دائمًا تقول لي إنه لا يجب أن أتنازل عن موقفي بسهولة، وأنه من المهم أن يكافح الإنسان من أجل ما يؤمن به. سواء كان ذلك في حقوق المرأة أو الطفل أو تطوير المجتمع، فقد ساهمت والدتي في تكوين شخصيتي وتعليمي الصبر على تحقيق الأهداف.”
السؤال: كيف كان قراركِ بالدراسة في الولايات المتحدة؟ وهل واجهتِ تحفظات من العائلة أو المجتمع حول هذا القرار؟
المياسة: “بعد مرحلة الثانوية، قررت التوجه إلى الولايات المتحدة الأمريكية للدراسة في جامعة ديوك. في ذلك الوقت، كانت المرأة العربية والخليجية، دعيني أقول، محاطة بنوع من التحفظ، وكان هناك شعور بالحرج حول توجهها للدراسة في الخارج. كوني خليجية، كان هناك بعض الأحاديث، مثل تلك التي سمعتها من أحد الأشخاص، حيث قال لي: ‘أنتِ لماذا تذهبين؟ أليس من الأفضل البقاء في البيت؟ “بالنسبة لي، كان هذا جزءًا من الحياة الطبيعية. لقد نشأنا على الدراسة، وكان هناك دائماً من يقوم بالأنشطة التعليمية المختلفة. لم يكن هناك مانع حقيقي أو اعتراض من عائلتي. بل على العكس، كنت أول امرأة في عائلتي تذهب إلى أمريكا للدراسة، في حين أن الآخرين كانوا يفضلون الذهاب إلى أوروبا. لذلك كان الأمر تحديًا بالنسبة للبعض، ولكن عائلتي دعمتني بشكل كامل ولم تواجهني أي عوائق.”
بدء الرحلة المهنية:
“بعدما بدأت الدراسة في الولايات المتحدة، بدأت أعمل مباشرة مع مكتب الأمير الوالد، وكانت هذه تجربة مهمة. تعلمت الكثير من العمل معه، حيث كان يتيح لي الفرصة لأفهم كيف تسير الأمور السياسية والدبلوماسية. كنت أعشق العمل معه، وتعلمت منه الكثير. كنت أرى كل ما يفعله وأتمنى أن أتعلم منه.”
“أتذكر رحلة إلى شيكاغو، حيث رافقته في إحدى زياراته الرسمية. كان يعطينا دومًا مساحة للاستماع إلى كل الموضوعات المهمة. كانت لديه رؤية شاملة وأفق واسع، وكان يستمع جيدًا قبل اتخاذ أي قرار. بالنسبة لي، كان ذلك درسًا في الدبلوماسية والسياسة. لاحقًا، عندما بدأنا بالتحضير لافتتاح المتحف الإسلامي في قطر، كان العمل تحت إشرافه تجربة غنية للغاية. كان ذلك جزءًا من العمل الذي أحببته وتعلمت منه الكثير.”
متاحف قطر: جسور الثقافة والتنمية
المياسة: “عندما بدأنا في تطوير مشاريع المتاحف في قطر، كنت أعلم أننا بحاجة إلى وقت كافٍ لإتمامها، على الأقل سنتين. كنا نعتقد أن إنجاز المتاحف خلال خمس سنوات أمر ممكن. ومع ذلك، كان والدي يهتم بأن تكون هذه المتاحف جزءًا من التنمية البشرية في قطر، وكان يؤكد على أهمية أن يكون القطريون والمحليون هم من يديرون هذه المشاريع.”
“وضعنا خطة لمدة عام لدراسة المشاريع القائمة، وكانت هذه الخطة تتماشى مع رؤية قطر الوطنية 2030، التي تهدف إلى تحقيق التنمية المستدامة. كان المتاحف جزءًا من هذه الرؤية، لأنها لا تهدف فقط إلى عرض التراث، بل إلى بناء جسور حضارية وتعزيز الهوية الثقافية.”
مشاريع المتاحف الكبرى: “المتحف الإسلامي كان أول مشروع بدأنا به، وهو يعكس الهوية الإسلامية والعربية. بعد ذلك، توجهنا لمشروع المتحف العربي في المدينة التعليمية، وهو متحف للفن العربي الذي جمعه الشيخ حسن بن محمد. كنا فخورين بتحويل مدرسة قديمة في المدينة التعليمية إلى متحف يعزز الهوية واللغة.”
“المتحف الوطني، الذي افتتحه سمو الأمير الشيخ تميم، صممه المهندس المعماري الشهير جون نوفيل. تصميم المتحف مستوحى من الطبيعة الجيولوجية لقطر، وكان والدي دائمًا يقول له: ‘عليك أن تروح وتجدِ رمزًا جيولوجيًا يعكس قطر.'”
التنمية الاجتماعية من خلال المتاحف: “كما افتتحنا أول مشروع للمتحف الرياضي، والذي يعكس شغف المجتمع القطري بالرياضة، خصوصًا مع استضافة قطر لكأس العالم. كان هذا المتحف جزءًا من مشروع شامل يشمل الأطفال وجميع فئات المجتمع.”
“المتاحف في قطر ليست مجرد أماكن لعرض المقتنيات الفنية. بل هي منصات تهدف إلى تنوير الجمهور في قطر والمقيمين والزوار بماضينا وحاضرنا، في محاولة لصياغة هويتنا الثقافية العربية القطرية.”
متحف السيارات والمشاريع المستقبلية: “من بين المشاريع التي نعمل عليها أيضًا، متحف للسيارات. لأن المجتمع القطري يحب السيارات، نرى في هذا المتحف فرصة لتلبية هذا الشغف. نحن نحاول تحويل مطاحن قطر القديمة إلى متحف حديث، وهذا سيكون إضافة جديدة إلى سلسلة المتاحف في قطر.”
التوازن بين الثقافات: “بالنسبة للعدد المتزايد من المتاحف في قطر، البعض قد يسأل: هل نحن بحاجة لكل هذه المتاحف؟ بالنسبة لي، أعتقد أن المتاحف ليست فقط للقطريين، بل هي نقطة جذب للزوار من الخليج والعالم. المتاحف هي جسر للثقافات، وتمكننا من الحفاظ على إرثنا للأجيال القادمة.”
دور المتاحف في إبراز هوية قطر خلال كأس العالم: “عندما فازت قطر باستضافة كأس العالم، كان الهدف ليس فقط تقديم بطولة رياضية، بل كان الهدف الأهم هو إبراز هويتنا العربية والإسلامية للعالم. أحد النجاحات كان في إبراز قيمنا الدينية، مثل إقامة بطولة خالية من الكحول، وهذا كان له تأثير إيجابي كبير.”
“حتى في احتفالات افتتاح كأس العالم، كان كل شيء يعكس ثقافات العرب. كانت قطر ناجحة في تنظيم الحدث وإبراز هويتها. نرى في متاحفنا فرصة لتعزيز هذا التوازن بين الانفتاح على العالم والحفاظ على تقاليدنا وهويتنا.”
دور قطر في دعم التراث الفلسطيني
المياسة: “كان الهدف دائمًا إبراز الثقافة العربية، وقضية فلسطين كانت حاضرة بقوة في كل الجهود الثقافية والدبلوماسية التي قمنا بها. أذكر موقفًا شخصيًا كانت أول تجربة لي فيه تتعلق بالقضية الفلسطينية خلال ترأسي لمؤتمر عالمي تابع لليونسكو. في ذلك الوقت، كان هناك العديد من الدول التي قدمت ملفات لترشيح مدنها أو مشاريعها لتسجيلها ضمن قائمة التراث العالمي.”
“أحد المشاريع التي كانت مطروحة حينها كان يتعلق بفلسطين، حيث تم تقديم ملف لترشيح مدينة بتير لتدرج ضمن قائمة التراث العالمي. كان هناك رجل أوروبي تقدم لي وقال: ‘هل تعتقدين أن هناك فرصة لتسجيل هذه المدينة؟’ كنت حينها متواجدة في القاعة منذ الصباح الباكر، وتبين لي أن فرص تسجيل المدينة كانت ضئيلة.”
“ولكنني شعرت أنه من المهم دعم فلسطين في هذا المشروع. بدأنا بالعمل كفريق مع دول أخرى لضمان تسجيل مدينة بتير. كنا نعمل على التأكد من أن كل شيء يسير كما يجب وأن التصويت سيتم بنجاح. وفي النهاية، نجحنا في تسجيل المدينة، وكان ذلك انتصارًا كبيرًا للقضية الفلسطينية.”
“خلال هذه التجربة، أدركت تمامًا كيف ينظر الغرب إلينا نحن كعرب. كان الأمر واضحًا بالنسبة لي عندما رأيت بعض الدول الأخرى تفشل في تسجيل مشاريعها. ولكن نجاحنا في دعم فلسطين وتسجيل مدينة بتير في اليونسكو كان له أثر كبير على الأرض.”
“لطالما كانت لقطر سياسة واضحة في دعم القضية الفلسطينية، سواء من خلال السياسة الخارجية أو من خلال مشاريعنا الثقافية. نحن نسعى دائمًا لإبراز القضايا التي تهمنا والتي تتعلق بثقافتنا وهويتنا. كانت هذه السياسة جزءًا من دورنا في تعزيز علاقاتنا مع الدول الأخرى ودعم القضية الفلسطينية في المحافل الدولية.”
المذيعة: “يتساءل البعض عن سبب وجود عدد كبير من الأعمال الفنية التي تعود ملكيتها إلى متاحف قطر في الأماكن العامة. ما هو الهدف من وضع هذه الأعمال الفنية في مثل هذه المواقع؟“
المياسة: “منذ تأسيس مطار حمد الدولي، كان الهدف دائمًا أن يكون المطار مساحة تعرض الفن، وخصوصًا الأعمال الفنية الكبيرة. أول عمل فني وضعناه في المطار كان تمثال الدب الأصفر الذي أصبح رمزًا شهيرًا. في البداية، تلقى التمثال الكثير من الانتقادات، حيث قال البعض إنه لا يمثل الفن العربي أو القطري.”
“تلقيت اتصالات من أشخاص يقولون لي: ‘لو سمحتِ، الناس غير راضية عن التمثال، يجب أن يزال.’ قلت لهم: ‘أعطونا أسبوعًا، وإذا استمرت الانتقادات سنزيله.’ ولكن بمرور الوقت، أحب الناس التمثال وأصبح رمزًا.”
“أعتقد أن من الطبيعي أن يواجه الناس الجديد بالانتقاد، وخاصة إذا لم يفهموه في البداية. نرى ذلك كثيرًا، حيث يبدأ الانتقاد ثم يتحول إلى تقبل. نحن نعيش في مجتمع ينتقد في البداية، ولكن مع الوقت، يبدأ الناس في تقبل الأمور بل وتقديرها.”
المذيعة: “هناك أصوات تقول إن هذه الأعمال الفنية تكلف الملايين، ويتساءلون لماذا يتم إنفاق المال العام على مثل هذه الأعمال.”
المياسة: “الناس الذين يتحدثون عن إهدار المال العام قد لا يفهمون قيمة الاستثمار في الفن. عندما نشتري عملًا فنيًا، فإن قيمته تزداد مع مرور الوقت. هناك مثال شهير لرئيس وزراء أستراليا في السبعينات اشترى لوحة بـ 1 مليون دولار. اليوم، هذه اللوحة قيمتها تصل إلى 300 مليون دولار. لذا، استثمارنا في الفن ليس فقط ماليًا، بل هو استثمار ثقافي وعلمي، والأهم من ذلك هو أنه استثمار في تطوير الإنسان.”
“نحن أيضًا نستخدم الفن في التعليم. على سبيل المثال، في المتحف الوطني، كتبنا مناهج تعليمية تتعلق بتاريخ قطر. الطفل الذي يزور المتحف يتعلم التاريخ بطريقة مختلفة تمامًا عن ما يتعلمه في الصف الدراسي.”
المذيعة: “ماذا عن المواقع الأثرية مثل الزبارة وعين محمد؟ ما هو دور متاحف قطر في الحفاظ عليها وهل يمكن للزوار زيارتها قريبًا؟“
المياسة: “الزبارة كانت أول موقع تراثي سجلناه في قائمة التراث العالمي لليونسكو، وهذا كان خطوة مهمة جدًا بالنسبة لنا. التسجيل في اليونسكو يعني أن المدينة ستحافظ على حالتها التاريخية دون تغيير أو إضافة.”
“في قرية عين محمد، كان لدينا شراكة مع الأخ محمد النعيمي لوضع مجسمات لفنانين عالميين في الموقع. على سبيل المثال، هناك أعمال لفنانين عالميين مثل الفنانة اللبنانية سناء والفنان البرازيلي تونتو والفنان الدنماركي أولا.”
“الهدف من هذه المشاريع هو الجمع بين الفن المعاصر والتراث القطري، حتى يتمكن الزوار من الاستمتاع بالفن وكذلك بالتراث القطري الأصيل.”
اقتصاد المعرفة في قطر: رؤية طموحة
المياسة: “نحن في قطر مؤمنون إيمانًا تامًا بأهمية اقتصاد المعرفة، وكان لدينا رؤية خاصة حول كيفية تطوير الاقتصاد المعرفي. اليوم، كل الدول المتقدمة تسير في هذا الاتجاه، ونحن كدولة قطر جزء من هذه الرؤية. على سبيل المثال، مشروع مطافئ: مقر الفنانين الذي افتتحناه كان خطوة مهمة في هذا السياق.”
“مطافئ هو مبنى قديم في منطقة البدع، وقد حولناه إلى مقر للفنانين. اليوم، العديد من الفنانين الذين تخرجوا من مشروع المطافئ أصبحوا معروفين عالميًا. لقد طلبنا من المسؤولين عن تطوير حديقة البدع أن يمنحونا هذا المبنى لنحوله إلى مساحة للفنانين، حيث يتمكنون من العمل والإبداع.”
“المشروع يشمل استوديوهات للفنانين، وتُقام فيه أيام مفتوحة للجمهور، حيث يمكن للناس زيارة الاستوديوهات ومشاهدة أعمال الفنانين وشرائها إن رغبوا. المشروع يساهم أيضًا في تطوير مجموعات خاصة من الأعمال الفنية، مما يدعم الفنانين المحليين والعالميين.”
الجزيرة كجزء من اقتصاد المعرفة: “استخدمنا قاعة المطافئ لاستضافة معرض مهم بالتعاون مع قناة الجزيرة في إحدى السنوات. هذا المشروع كان جزءًا من الاحتفاء بالجزيرة كمؤسسة إعلامية، ونفخر بكونها إحدى أهم المؤسسات التي انطلقت من قطر.”
“قناة الجزيرة، باعتبارها منصة إعلامية مستقلة، تعطي للعرب فرصة التعبير عن أنفسهم والتحدث بأصواتهم. بالنسبة لي، الاستثمار في مثل هذه المشاريع يعزز من دور قطر في دعم اقتصاد المعرفة ويبرز قدراتنا على خلق بيئة تساهم في تطوير الإعلام والفنون.”
المياسة: “أود أن أشير إلى أن الإقامة الفنية التي تقدمها دولة قطر بالتعاون مع جامعة فرجينيا كانت مفتاحًا مهمًا لنجاحات العديد من الفنانين. على سبيل المثال، لدينا فنانة قطرية خرجت من برنامج الإقامة الفنية وتمكنت من التعاون مع علامة ديور العالمية، حيث صممت بوسترًا خاصًا للعلامة. أعمالها اليوم تُجمع في المتاحف العالمية، وهذا بحد ذاته نجاح كبير.”
“هذا يعكس أن ما نفعله هنا في قطر ليس مجرد دعم محلي، بل هو بوابة للعالمية. من خلال مراكزنا الثقافية والإبداعية المنتشرة في قطر، نحن نساهم في دعم الفنانين والمصممين ليس فقط على المستوى المحلي بل أيضًا على المستوى العالمي.”
“أحد المشاريع البارزة هو مشروع أمس، الذي يتواجد في منطقة مشيرب العقارية. لقد تم تسليم هذا المبنى إلى متاحف قطر، وقمنا بتحويله إلى مركز إبداعي يهتم بمجالات الأزياء، التصميم، والتكنولوجيا.”
“اليوم، لدينا مصممات قطريات تخرجن من هذه البرامج ولديهن شركات خاصة في مجال الأزياء والتصميم. هذا الاستثمار يعد استثمارًا مهمًا للمجتمع القطري، حيث نرى أن القطاع الخاص يتعاون مع هذه الشركات الناشئة ويدعمها لتصبح قادرة على الاعتماد على نفسها.”
“من بين النجاحات أيضًا مشروع فاشن، الذي يعد شراكة بين متاحف قطر والقطاع الخاص. هذا المشروع يمنح المصممين القطريين الفرصة للوصول إلى الساحة العالمية. إنه استثمار ليس فقط في الأزياء، بل في بناء الجسور بين الفن القطري والعالم الخارجي.”
الاهتمام بالبيئة والعمل التطوعي: رؤية المياسة
المياسة: “البيئة تخصنا جميعًا، وأي شخص في أي مجتمع يجب أن يساهم في الحفاظ عليها. في قطر، لدينا مؤسسة تُدعى “الديب” التي تهدف إلى تعزيز الوعي البيئي، وقد كنت شخصيًا جزءًا من العديد من المبادرات البيئية. واحدة من تلك المبادرات كانت حملات تنظيف الشواطئ، حيث شاركت بنفسي في جمع المتطوعين. كنا نعمل معًا بروح حماسية وملؤها الأمل، محاولين ترك بصمة إيجابية في الطبيعة.”
“أحيانًا، عندما نذهب إلى الشواطئ ونرى الشباب يشاركون بحماس في تنظيفها، أشعر بالفرحة. اليوم، الوعي البيئي أصبح جزءًا من المناهج الدراسية في مدارسنا، وهذا يعكس أهمية الحفاظ على البيئة للأجيال القادمة.”
رحلات تطوعية نحو آسيا: “إحدى التجارب التي لا أنساها كانت خلال رحلتنا التطوعية إلى كمبوديا. كنت هناك مع الفريق التنفيذي لنطلع على المشاريع التي تدعمها قطر في المنطقة. زرنا مدرسة محلية، ووزعنا الهدايا على الطلبة، وتحدثنا معهم، بل ولعبنا معهم.”
“خلال زيارتنا، تعرفت على فتاة متفوقة في دراستها، لكنها كانت تعاني من ظروف صعبة أجبرتها على ترك المدرسة. قررنا زيارة منزلها والتحدث مع عائلتها، وقلت لها: ‘أنتِ قد تكونين دبلوماسية لبلدك يومًا ما، وربما حتى رئيسة.’ تعهدنا بتغطية مصاريف دراستها، وبالفعل، جاءت إلى قطر وأكملت تعليمها هنا.”
“المفاجأة أن هذه الفتاة تفوقت وقدمت كلمة الخريجين في حفل تخرجها، والآن تعمل في مكتبي ضمن قسم السنوات الثقافية.”
قيادة بروح إنسانية: “المياسة ليست فقط شخصية قيادية في مجالات الثقافة والفنون، بل هي أيضًا شخصية مفعمة بالإنسانية. أسست العديد من المنصات التي تدعم الشباب وتدفعهم نحو العمل التطوعي. علاقتها مع موظفيها تعكس اهتمامها بالتفاصيل الصغيرة، وتقديرها لكل جهد يبذل.”
“من خلال تجربتي في العمل معها، لاحظت كيف تولي اهتمامًا خاصًا حتى لأصغر الأمور، مما ألهمني شخصيًا لأكون أكثر اهتمامًا بالتفاصيل في عملي اليومي.”
مهرجان أجيال السينمائي: عقد من النجاح والشراكات العالمية
المياسة: “احتفلنا مؤخرًا بمرور عشرة أعوام على تأسيس مهرجان أجيال السينمائي. خلال هذه السنوات، تطور المهرجان بشكل كبير وشهد شراكات عالمية، وتحول إلى منصة عربية تعكس توجهاتنا وقيمنا.”
“القرار الذي اتخذناه بتحويل المهرجان إلى مهرجان يعبر عن الأصالة العربية لم يكن مجرد قرار تنظيمي، بل كان قرارًا مدروسًا نابعًا من قناعة بأننا بحاجة إلى مؤسسة تعكس واقعنا وتخرج أفلامًا تعبر عن منطقتنا.”
“في البداية، كان لدينا شراكة مع مهرجانات دولية مثل مهرجان الدوحة، ولكننا اكتشفنا أن هذا النهج لا يخدم أهدافنا بالشكل المطلوب. لذلك، قررنا إعادة هيكلة المهرجان، وقسمناه إلى مهرجانين.”
“الأول هو مهرجان أجيال السينمائي، الذي يركز بشكل أساسي على الشباب. أردنا أن يكون هذا المهرجان منصة لشبابنا للتعرف على المواضيع المهمة التي تؤثر في حياتهم وحياة المجتمعات الأخرى، مثل قضايا البيئة، والصحة، وحقوق اللاجئين.”
الحياة العائلية والتوازن بين العمل والأسرة
رغم انشغالات الشيخة المياسة العديدة والتزاماتها الكبيرة، إلا أنها دائمًا ما تجد طريقة للتوازن بين حياتها كأم وزوجة وبين دورها القيادي. تحديات الحياة تقابلها بحكمة ودعم من شريك حياتها، الشيخ جاسم بن عبد العزيز، الذي يشاركها الشغف بالفن ويعزز من اهتمامها بالفنون والثقافة.
الشيخ جاسم، إلى جانب كونه وزيرًا سابقًا، هو أيضًا فنان منذ صغره، وهذا الفن العائلي المشترك ساهم في تعزيز مسار الشيخة المياسة الفني والثقافي. تقول المياسة: “أعتبر نفسي محظوظة لأن زوجي لديه خبرة كبيرة في الفن، وخاصة في المزادات الفنية. عائلتي، سواء كان أخي الشيخ حسن أو والدي، كانوا من أبرز جامعي الفنون الإسلامية والعربية.”
الدعم الأسري: تضيف المياسة: “دائمًا ما أقول إن خلف كل امرأة ناجحة، يوجد دعم كبير من أسرتها. سواء كان من والدي، أو زوجي، فقد كان لهم جميعًا دور كبير في نجاحي. زوجي الشيخ جاسم كان دائمًا بجانبي، سواء في حياتي العملية أو الشخصية، يدعمني ويساعدني في مسؤوليات المنزل والأطفال.”
تستمر المياسة في شرح دور زوجها في دعم تربية الأطفال: “كان يحرص دائمًا على التواجد في المنزل، وخاصة عندما أكون منشغلة. هو يشاركني في كل شيء، وهذا التوازن العائلي هو الذي سمح لي بالنجاح في حياتي العملية.”
التوازن بين العمل والأسرة: تقول المياسة: “أحاول دائمًا أن أجد الوقت لعائلتي، رغم انشغالاتي. نحن كأسرة نحرص على قضاء الوقت معًا. أعلم أن أطفالي يحتاجونني كأم، ولذلك أضع لهم أولوية في حياتي. أحرص على تخصيص وقت محدد لهم خلال الأسبوع، سواء كانت الأمسيات أو عطلات نهاية الأسبوع.”
وتضيف: “التحدي الحقيقي يكمن في تحقيق التوازن بين المسؤوليات الوظيفية والعائلية. بالنسبة لي، لا أرى فرقًا بين الأم التي تعمل والأم التي تختار البقاء في المنزل لتربية أطفالها. الأهم أن تكون الخيارات الشخصية نابعة من قناعة تامة، وأي خيار يتخذه الشخص يجب أن يكون قرارًا شخصيًا.”
دور الأم في تربية الأطفال:
تقول المياسة: “أحاول دائمًا أن أكون قريبة من أطفالي. أحرص على الحد من استخدامهم للتكنولوجيا بشكل مفرط. أرى أن الأطفال يجب أن يعيشوا طفولتهم بحرية، وأن يستمتعوا بالأنشطة الطبيعية مثل اللعب في الحدائق والسباحة، بدلًا من قضاء ساعات طويلة على الأجهزة الإلكترونية.”
وتختتم قائلة: “علينا أن نشجع أطفالنا على تنمية مواهبهم، سواء كانت في القراءة، أو الرياضة، أو أي نشاط آخر، لأن الاعتماد المفرط على التكنولوجيا قد يؤدي إلى فقدانهم للتواصل مع واقع حياتهم.”
الوقت الخاص بالشيخة المياسة واهتماماتها الشخصية
المذيعة:
ماذا عن الوقت الخاص بكِ، الشيخة المياسة؟ كيف تقضين أوقاتك الشخصية بعيدًا عن العمل؟
المياسة:
“أخصص وقتًا خاصًا لي ولعائلتي. أحب قضاء وقتي مع أطفالي؛ تميم، نورة، سعد، العزيز، ومحمد. نحن نحب ممارسة الرياضة سويًا، مثل السباحة، وأحب أيضًا القراءة، خاصة يوم الجمعة. إلى جانب ذلك، أستمتع بمشاهدة الأفلام والتصوير، وهو هواية يتشاركها معي زوجي، الذي يعتبر شاطرًا جدًا في التصوير.”
استخدام وسائل التواصل الاجتماعي
المذيعة:
لديكِ حساب واحد على مواقع التواصل الاجتماعي، وهو حساب إنستغرام، فهل تديرينه بنفسك؟
المياسة:
“نعم، لدي حساب رسمي على إنستغرام، وفي أغلب الأحيان أشارك الصور بنفسي، ولكن أحيانًا يساعدني مكتبي في ذلك. أغلب ما أشاركه يتعلق بحياتي العملية أو العائلية. على سبيل المثال، أبنائي حمد ومحمد البالغين من العمر 10 سنوات يستخدمون الهواتف المحمولة، وأنا أحرص على أن تكون تجربتهم مع التكنولوجيا محدودة وموجهة بشكل صحيح.”
كتاب “سحر الثقافة” والهدف منه
المذيعة:
قمتِ مؤخرًا بكتابة كتاب بعنوان “سحر الثقافة”. ماذا يمكنكِ أن تخبرينا عن هذا الكتاب؟
المياسة:
“نعم، أصدرت مؤخرًا كتاب “سحر الثقافة” وكان الهدف منه توثيق التجربة التي مرت بها قطر خلال بطولة كأس العالم. هذه البطولة كانت مناسبة عظيمة ليس فقط لقطر بل للعالم العربي ككل. الكتاب يسلط الضوء على المشاريع التي أنجزتها الدولة، ويعبر عن مشاعر كل قطري ومقيم في قطر والذين شاركوا في نجاح هذا الحدث الكبير.”
“البطولة كانت موضع تحدي كبير لقطر، وكانت هناك حملات ضد استضافتنا للبطولة. لكننا تكاتفنا كمجتمع وأظهرنا للعالم الصورة الحقيقية لقطر، وكيف تمكننا من تنظيم أكبر حدث رياضي عالمي بنجاح. الكتاب كان نوعًا من الشكر والتقدير لكل من ساهم في هذا النجاح، سواء كان سمو الأمير أو الأشخاص الذين عملوا بجد لتحقيق هذا الإنجاز.”